الاثنين، 26 نوفمبر 2012

هكذا اغتال التيار الفرانكفوني المركز الثقافي المصري في الجزائر"!

أغلق المركز الثقافي المصري في بلادنا، خلال العشرية السوداء، بسبب شبح الارهاب الذي أتى على الأخضر واليابس، غير أن السلطات المصرية سرعان ما طالبت برخصة من اجل إعادة فتحه من جديد بعد استقرار الأوضاع الأمنية، في ظل تواجد العديد من المراكز الثقافية الغربية، المسموح لها بالنشاط بشكل يضاهي المؤسسات الثقافية الوطنية، إلا ان السلطات الجزائرية لم تبد اية نية في اعادة فتحه من جديد رغم انه أصبح ضرورة ملحة لمجابهة تيار العولمة الذي يعصف بكل مقومات وثوابت الهوية الجزائرية الاسلامية، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي خلفية تجاهل السلطات الجزائرية لطلب المصريين، هل لعصابات التيار الفرانكوفوني يد في ذلك؟ خاصة وأن المركز كان معروفا بدعمه لسياسة التعريب في الجزائر، ما هي خلفية أو أسباب رفض إعادة فتحه من جديد؟
فتح المركز الثقافي المصري في بلادنا أبوابه للباحثين قبل سنوات عديدة، وكان يدعم سياسة التعريب التي باشرتها الدولة الجزائرية في ذلك الوقت في سبيل الحفاظ على الهوية الوطنية، من خلال مختلف النشاطات التي كان يضطلع بها، حيث كان المركز الواقع إلى يومنا هذا بشارع علي بومنجل وسط العاصمة، يتوفر على مكتبة كبيرة تحتوي على ما يزيد عن 6000 مؤلف من أمهات الكتب في مختلف التخصصات العلمية والفقهية والأدبية، بالإضافة إلى المصادر والمراجع المهمة في التاريخ والعلوم والسير، التي جعلت المكتبة قبلة للباحثين وعامة المثقفين الذين يقصدونها للقراءة والإطلاع والاستعارة، كما يحتوي المركز على قاعة للندوات تتسع لأكثر من مائة شخص تقدم بها المحاضرات في مختلف المناسبات الدينية والوطنية المصرية والجزائرية على حد سواء، حيث شكلت هذه القاعة على مدار تلك السنوات همزة وصل للتعرف والتواصل مع الثقافتين المصرية والجزائرية.

واستقطب المركز منذ السنوات الأولى لافتتاحه أكبر العلماء في العالم العربي إلى جانب المثقفين، حيث حاضر به الشيخ محمد الغزالي والشيخ الشعراوي -رحمهما الله- وغيرهما من الشخصيات الأدبية والإعلامية الثقيلة التي زارت المركز وحاضرت به، وكانت المناسبة فرصة للقائهم بالمثقفين الجزائريين بالإضافة إلى استضافته لأدباء ومثقفين في مختلف التخصصات، كما كان المركز يحتفي بالفن من خلال العروض السينمائية والمسرحية التي يعرضها بحضور الجمهور.
ورغم الحركية الثقافية التي خلقها المركز في تلك السنوات والتي ساهمت بشكل كبير في تعزيز مبادئ القومية العربية إلى حد ما بالنسبة لنا كعرب ومسلمين، إلا أن السلطات مازالت تتماطل أمام إعادة فتحه رغم أن عودته للنشاط ستساهم بشكل كبير في تكامل سياسة التنوع الثقافي والحضاري الذي تتبناه بلادنا من خلال تواجد عدد مهم من دور الثقافة الأوروبية والغربية والتي تنشط منذ سنوات بشكل يضاهي في بعض الأحيان نشاط المؤسسات الثقافية الوطنية ذاتها أو يتجاوزها، خاصة إذا تحدثنا عن المركز الثقافي الفرنسي.
.
المركز أغلق بأمر عشوائي لمدير عام الاستعلامات المصرية
يروي عبد الله العقالي، المستشار الإعلامي والمدير السابق للمركز الاعلامي المصري في الجزائر، في اتصال مع "الشروق" قصة غلق المركز الثقافي المصري قائلا: »أغلق بأمر عشوائي "متعجل" من رئيس هيئة الاستعلامات المصرية بالتنسيق مع السفارة المصرية بسبب الظروف الأمنية الصعبة التي مرت بها بلادنا في تلك الفترة، وتم استبداله بمركز إعلامي صغير بحيدرة، غير أن السلطات المصرية سرعان ما أبدت رغبتها في إعادة فتح المركز من جديد« -حسبه-، حيث قال في هذا السياق: "أبدت السلطات المصرية رغبة كبيرة في إعادة فتح المركز منذ 2008، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وكانت الإذاعة المصرية قد نقلت قرار السيد وزير الإعلام بإعادة افتتاح المركز الاعلامي المغلق بالجزائر، ولكن ذلك لم يحدث"، وتابع: "سعيت شخصيا منذ تنصيبي على رأس المركز الاعلامي بالجزائر في الفترة بين 2005 إلى 2008، إلا انني رغم كل الجهود التي بذلتها لم تثمر بأية نتيجة ايجابية"، مضيفا "وأغلق المركز بمكتبته الضخمة وقاعة الندوات الكبيرة رغم موقعه المتميز على ناصية شارعي العربي بن امهيدي وعلي بومنجل بوسط العاصمة". وفي الأخير ألح عبد الله مرسي العقالي على ضرورة إعادة فتح المركز، دعما لعلاقات الأخوة والتعاون والتواصل بين الشعبين الشقيقين في الجزائر ومصر، خاصة وأنهما أهم قطبين عربيين في الشمال الإفريقي، مشيرا الى أن سير العلاقات المصرية الجزائرية في طريقها الصحيح يستدعي ذلك، خاصة في الفترة الراهنة، وقال في هذا السياق: "أدرك جمال عبد الناصر وقادة الثورة الجزائرية عقب الاستقلال اهمية هذا المركز ولذلك تميزت الجزائر عن معظم الدول العربية بوجود هذا المركز الاعلامي كوسيلة اتصال مباشر ومفيد بين مصر والجزائر".
.
السفير المصري:"طرحت المشكل على أكثر من جهة"
وفي هذا السياق، أكد السفير المصري في الجزائر، عز الدين فهمي انه يسعى منذ وصوله إلى الجزائر ومباشرته لعمله كسفير من اجل اعادة فتح المركز الثقافي المصري الذي اغلق في العشرية السوداء، لكنه لم يتمكن إلى غاية كتابة هذه الأسطر من تحقيق هذا الهدف.
وأشار عز الدين فهمي إلى انه طرح المشكل على وزير الاتصال السابق ناصر مهل، غير انه أخبره ان ملف المركز الثقافي المصري لدى وزارة الخارجية، وهي التي من شأنها ان توافق على اعادة فتحه، مشيرا الى انه أودع نفس الطلب على وزارة الخارجية، غير انه لم يتلق أي رد الى غاية الآن، مضيفا: "تحدثت مع وزيرة الثقافة خليدة تومي بشأن هذا الموضوع ووعدتني ببحث قضية اعادة فتحه من جديد مع السلطات الجزائرية ووزارة الخارجية".
وتساءل عز الدين فهمي عن خلفية ابقائه مغلقا مقابل السماح لمراكز اخرى بالنشاط قائلا: "الجزائر تتوفر على مراكز ثقافية فرنسية وبريطانية وايطالية، فلماذا لا يوجد بها مركز ثقافي مصري". وأكد فهمي ان اعادة فتح المركز الثقافي المصري في بلادنا يتطلب رخصة، مشيرا الى أن المثقفين والباحثين كانوا يترددون على المركز بشكل منتظم ويحضرون الندوات التي كان ينظمها والعروض السينمائية التي كان يبثها، غير أنه أغلق في السنوات التي اشتدت فيها شوكة الارهاب وحتى القائمين عليه لا يملكون وثائق عن تاريخ غلقه.
.
وزارة الثقافة تخلي مسؤوليتها حيال الموضوع
من جهتها، أخلت وزارة الثقافة مسؤوليتها حيال الموضوع، على خلفية انه ليس من مسؤوليتها الفصل في قضية اعطاء رخصة للسلطات المصرية من أجل إعادة فتح المركز، حيث اكد نور الدين لرجان، الذي يعمل مستشارا بوزارة الثقافة، ان "ملف المراكز الثقافية الأجنبية من إختصاص وزارة الخارجية، وانه لا علاقة لوزارة الثقافة بالموضوع".
وأضاف نور الدين لرجان الذي يشغل منصب مدير تنظيم وتوزيع النشاط الفني والثقافي أن وزارة الخارجية هي الوحيدة المخولة بالفصل في قضية إعادة منح رخصة لإعادة فتحه، مشيرا في سياق متصل أن كل ما يتعلق بتسيير المؤسسات الأجنبية من صلاحيات وزارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق